مقابلات

التاريخ: 2015-11-01
حسين غدار.. رجل الأعمال اللبناني

* جئتُ إلى سلطنة عُمان أوائل 1976 ،وانبهرت بما يوجد بها من تراث وتاريخ.
* رافقتني هواية جمع التحف والآثار منذ الصغر، ومستمر بها إلى اليوم.
* لدي ما يقارب من 4000 قطعة أثرية عن عُمان.
* أتمنى أن أقيم متحفاً خاصاً في مسقط، وأحلم أن أمتلك أحد مفاتيح الكعبة.

حاوره/ يونس بن جميل النعماني
تعتبر الهواية أحد مكونات الشخصية لدى الفرد، ذلك أن الهواية تعبر عن تفكير الإنسان، واتجاهاته وقيمه، وعندما تكبر هذه الهواية تصبح جزءاً من حياته إذا ما استغلها وفق الظروف والمعطيات المتاحة. وقد انتشرت هواية الاعتناء بالتراث والآثار مؤخراً بكثره، وربما عائد ذلك إلى الوعي بأهميته، ودور الوسائل الإعلامية المساعدة. ويُعد الأستاذ حسين غدار أحد هؤلاء الهواه الذين ساعدوا في الحفاظ على قيمة الآثار والتحف العُمانية؛ فقد بدأ مبكراً على اقتناء التحف والآثار. مجلة أصايل إلتقت به في مكتبه الذي حوله إلى متحف مصغر يحتوى على بعض الكنوز الأثرية، وكان هذا الحوار:

 

*أستاذ حسين نرحب بك في مجلة أصايل مجلة الأصالة والتراث، وأنا سعيد أن ألتقي بك.

وأنا أسعد أخي يونس، وأهلاً وسهلاً بكم في أي وقت، ويشرفني التعرف عليك، كما يسعدني أن أطل على القراء عبر مجلتكم الراقية مجلة أصايل، ولا شك أنكم تقومون بدور رائد بالتعريف بالتراث العُماني.

 

* لنبدأ أولا بالتعرف على شخصكم الكريم من خلال بطاقتك الشخصية.

أسمي حسين محمد غدار، لبناني الجنسية، من مواليد 1959 ، متزوج ولي ثلاث بنات تؤام ولله الحمد.

 

*عرفنا عنك إنك مستقر في عُمان من 40 عام ،ً كيف جاءت فكرة الاستقرار في السلطنة.

عُمان بلد جميل جداً، وكما تفضلت جئت إلى عُمان منذ 40 عام تقريبا بالضبط في أوائل 1976 ، والمناسبة هي أن أخي الأكبر - رحمه الله - كان يعمل في عُمان، ولما حدثت الحرب في لبنان، داعانا أخي للمجيء إلى عُمان، واحببنا البلد وعشنا فيها، ولله الحمد. وكنا نعمل مع أخي في المقاولات ومصانع البلاط والطابوق، ثم تجارة الملابس ولا زلتُ مستمراً في هذه التجارة، بالإضافة إلى تجارة التحف والهدايا الأثرية بما أنها هوايتي الأولى.

 

*كيف كانت عُمان عند مجيئك، وكيف تراها الآن؟

ما يميز عُمان قديما وحديثا هو النظام والقانون، عندما جئنا إلى السلطنة لم تكن كل الخدمات متوفرة، ولم تكن هناك مبان كثيرة، إلا أن لمسنا أن هناك أعمال تبنى وتدرس على أسس وقواعد وفق خطط، ووضحت هذه الخطط التيى تسمى الخمسية بداية الثمانينات وحتى بداية الألفية، فهناك تطور واضح وهائل في جميع الخدمات، وأصبحت السلطنة وجهه للتجار والسواح من أنحاء العالم.

سكنت في البداية في الحمرية، ثم انتقلنا إلى الخوير، ومدينة السلطان قابوس، وأخيراُ في مرتفعات القرم، وفي كل مكان نلمس مدى التطور الحاصل، وباعتقادي أن البنية التحتية شبه مكتملة، ينقصها بعض الخدمات السياحية كالفنادق والمواصات أتمنى التركيز عليها؛ لأنها تخدم السائح والتاجر في آن.

 

*حدثنا عن اهتمامك بالتحف والتراث والآثار؟ وكيف جاءت هذه الهواية؟

سكنت في حوض الولاية ببيروت العاصمة، واكن أبي مهتم بجمع التحف والآثار، فأحببت هذه التحف، وصارت عندي هواية اقتناء التحق والأشياء القديمة، وعندما جئت إلى عُمان انبهرت بما تملكه عُمان من تاريخ عريق، وتراث ثري جداً، وبدأت بجمع التحف النادرة، والآثار الرائعة، وكنت أذهب إلى سوق مطرح وأحياناُ إلى سوق نزوى فقط لأشتري وأبحث عن هذه القطع الأثرية، وأحيانا لا أجد أموالاً لشراء تحف نادرة فأضطر إلى أخذ سلف من بعض الأخوة والأصدقاء، وجمعتُ حوالي من 1500 إلى 2000 قطعة أثرية تقريب ،ً وظللت أجمع وأجمع مستمتعا بما أشتريه.

 

*ما هي القطع الأثرية التي تحتفظ بها، وكم عددها؟

احتفظ بشكل شخصي ب 4000 قطعة أثرية، ليست للبيع ولن أفرط فيها، أما التحف الزائدة فأعرضها في المحل للبيع والتداول، وهذه ميزة التراث يجب أن يعرض ويتداول حتى ينتشر الوعي بالحفاظ عليه، ومعرفة القصص والمرتبطة به.

وأملك سيارة طراز 1933 م فرنسية الصنع، وتوجد لدي العديد من الخناجر العُمانية تصل إلى 400 خنجر عُماني من جميع الأنواع، ولدي العديد من الجواهر العُمانية، الحلى الفضية والذهبية والمخلوطة تقدر ب 300 قطعة تقريباُ، وتختلف كل واحدة عن الأخرى، والعديد من السيوف والكتارات والراديو والهواتف، والدلل (لدي أكبر دلة في عُمان تصل قيمتها إلى 1000 ريال) وأدوات الحكل ( تقريبا يوجد معي 100 مكحل، مكتوب عليها آية الكرسي) وكثير من الأدوات الخزفية الصينية الأصل، عندما كانت التجارة مزدهرة مع الصين، كما يوجد لدي العديد من البنادق بأنواعها الصمة وأبو فتيلة الخ، ومخزن الرصاص، والجلديات القديمة، والتروس (صنف منه) والمناديس ( أكثر من 40 مندوس)، كما يوجد لدي الأبواب الخشبية، والمكبات التي توضع فيها البخور واللبان، بالإضافة إلى زينة المرأة من حلي وجواهر، وأيضا عمات معدنية البرونزية والفضية تعود إلى 250 عام، وبعض العملات النمساوية، ريال ماريا تريزا، والعمات سميت بمسميات مثل أبو مرفع والقرش والريال والبيسة ( بيسة برغش مثاً )، أيض لدي أواني نحاسية مثل المراجل التي تصنع فيها الحلوى العُمانية وموائد الطعام التي تُعد للمناسبات الاجتماعية كالأعراس والعزاء، كذلك احتفظ بكمية كبيرة من الأقفال، والفوانيس ( صراي بوسحة )، وأيضا عدة صناعة القضة مثل المنفاخ والمصب والماسك والمسامير، وايضا الساعات بأنواعها الجيب أو الحائطية، وكذلك الأدوات الفخارية مثل الحِب، وايضا الجازرة أو المنجور.

 

*على طاري العمات، ألا توجد هناك عمات مزورة يمكن تداولها، وبالتالي يحدث فيها عملية الغش؟

نعم التزوير موجود وحاصل، ولكن جمع التحف والآثار تحتاج إلى خبرة كبيرة، فنحن من خال خبرتنا في التعامل نعرف منها المزور والأصلي، والشي بالشيء يذكر، هناك دولار أمريكي فضي يعتبر من أغلى العملات في العالم، يقال أنه موجود في عُمان، أرسله الرئيس الأمريكي فان بورين إلى السيد سعيد بن سلطان ( عدد 20 قطعة ) يعود تاريخ هذا الدولار إلى عام 1804 ، ويصل قيمته إلى مليون دولار حالي ،ً حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت بعثة للبحث عن هذه القطع، لكنهم لم يحصلوا عليها، وحصلوا على الصندوق فقط.

حلى نسائية تعود إلى عام 1650 م، أي تعود إلى عصر اليعاربة، مكتوب عليها العام، وهناك بعض الحلى يكتب أسم صاحبها، وأسم الصايغ الذي قام بصناعتها.

 

ماذا عن الوثائق، هل توجد لديك وثائق قديمة؟

بصراحة لستُ من هواة جمع الوثائق ولا الطوابع، لكني أحتفظ مخطوطات للقرأن الكريم، أكثر من 30 مخطوط بمختلف الخطاطين، وبعضها مصاحف نادرة جدا بها زخرفة إسامية، بعضها تعود إلى القرن التاسع الهجري.

 


هل لديك مؤلفات وكتب؟

بحكم انشغالي في التجارة، لا وقت لدي للكتابة والتأليف، لكن جمعت بعض التعريفات للمقتنيات، وأتمنى أن أراها مطبوعة في بومٍ من الأيام.

 


هل تشجع عمل مزاد للقع الأثرية بمعنى تدويرها بين الأشخاص المهتمين؟

نعم بالتأكيد، وهو يحافظ على التراث والتاريخ، ويعطي قيمة للقطع الأثرية، وبالتالي ينمو الوعي بأهميتها، وهذه معمول به في الدول الغربية، بل هناك قطع أثرية عُمانية وعربية يتم بيعها وتداولها بمبالغ كبيرة، مثلا المرتعشة تباع عهنا بسعر زهيد، لكنه في بريطانيا مثلا تباع بمبلغ كبير جدا.

 

ما هو طموحك استاذ حسين؟

طموحي أن أبني متحف خاصا بي في مسقط، لأنه أغلب مقتنياتي تحف من التراث العُماني، لا يجوز أن تبعثر، ويذهب هذا الجهد هباءً منثورا، يعجبني كثيرا متحف بيت الزبير، والأدوات المعروضة فيه، وأعتبره من أفضل المتاحف، كما أننا ننتظر الافتتاح الرسمي للمتحف الوطني ، أيضا أحلم باقتناء أحد مفاتيح الكعبة المشرفة.

 


هل من كلمة أخيرة تقولها؟

أتمنى من الشباب العُماني أن يهتموا بتراثهم، ويعملوا على تسويقه، والمحافظة عليه، وأتمنى من ذوي الاختصاص عمل ندوات ومزادات للتراث والتحف؛ حتى ينشط هذا الموروث الحضاري.

 

في نهاية هذا اللقاء نتوجه لك بالشكر الجزيل على اتاحة هذه الفرصة للحديث على هوايتك وعملك واستقرارك في السلطنة.

وأنا سعيد جداً بك أخي يونس، وما رأيته لديك من شغف وحب للتاريخ والتراث العٌماني، وألف شكر لمجلة أصايل على إتاحة هذه الفرصة للقاء القراء عبر مجلتكم الجميلة مجلة أصايل. حفظكم الله.

 

لقراءة الموضوع كاملا يرجى تصفح العدد 39، من صفحة 123 - 126.